وروى الطبراني عن ابن عباس أنها نزلت في سبايا خيبر، ونظير هذا التفسير الصحيح
قول الفرزدق: وذات حليل أنكحتها رماحنا حلال لمن يبني بها لم تطلق
تنبيــه
فإن قيل: عموم قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}، لا يختص بالمسبيات، بل ظاهر هذا العموم أن كل أمة متزوجة إذا ملكها رجل آخر فهي تحل له بملك اليمين ويرتفع حكم الزوجية بذلك الملك، والآية وإن نزلت في خصوص المسبيات كما ذكرنا، فالعبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب، فالجواب: أن جماعة من السلف قالوا بظاهر هذا العموم فحكموا بأن بيع الأمة مثلاً يكون طلاقًا لها من زوجها أخذًا بعموم هذه الآية، ويروى هذا القول عن ابن مسعود، وابن عباس، وأُبي بن كعب، وجابر بن عبد اللَّه، وسعيد بن المسيِّب، والحسن ومعمر، كما نقله عنهم ابن كثير وغيره، ولكن التحقيق في هذه المسألة هو ما ذكرنا من اختصاص هذا الحكم بالمسبيات دون غيرها من المملوكات بسبب آخر غير السبي، كالبيع مثلاً وليس من تخصيص العام بصورة سببه. وأوضح دليل في ذلك قصة بريرة المشهورة مع زوجها مغيث.
قال ابن كثير في تفسير هذه الآية بعد ذكره أقوال الجماعة التي ذكرنا في أن البيع طلاق، ما نصه: وقد خالفهم الجمهور قديمًا وحديثًا، فرأوا أن بيع الأمة ليس طلاقًا لها؛ لأن المشتري نائب عن البائع، والبائع كان قد أخرج عن ملكه هذه المنفعة، وباعها مسلوبة عنه، واعتمدوا في ذلك على حديث بريرة المخرج في "الصحيحين" وغيرهما، فإن عائشة أم المؤمنين اشترتها وأعتقتها ولم ينفسخ نكاحها من زوجها مغيث، بل خيّرها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بين الفسخ والبقاء، فاختارت الفسخ وقصتها مشهورة، فلو كان بيع الأمة طلاقها كما قال هؤلاء، ما خيّرها النبيّ صلى الله عليه وسلم، فلما خيّرها دلّ على بقاء النكاح، وأن المراد من الآية المسبيات فقط، واللَّه أعلم. اهـ ـ منه لفظه.
فإن قيل: إن كان المشتري امرأة لم ينفسخ النكاح؛ لأنها لا تملك الاستمتاع ببضع الأمة، بخلاف الرجل، وملك اليمين أقوى من ملك النكاح، كما قال بهذا جماعة، ولا يرد على هذا القول حديث بريرة، فالجواب هو ما حرره ابن القيّم، وهو أنها إن لم تملك الاستمتاع ببضع أمتها، فهي تملك المعاوضة عليه وتزويجها وأخذ مهرها، وذلك كملك الرجل وإن لم تستمتع بالبضع، فإذا حققت ذلك، علمت أن التحقيق في معنى الآية وحرمت عليكم {المحصنات} أي المتزوجات، {إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} بالسبي من الكفار، فلا منع في وطئهن بملك اليمين بعد الاستبراء، لانهدام الزوجية الأولى بالسبي كما قررنا، وكانت أم المؤمنين جويرية بنت الحارث رضي اللَّه عنها متزوجة برجل اسمه مسافع، فسبيت في غزوة بني المصطلق وقصتها معروفة. قال ناظم قرة الأبصار في جويرية رضي اطللَّه عنها: وقد سباها في غزاة المصطلق من بعلها مسافع بالمنزلق ومراده بالمنزلق السيف، ثم إن العلماء اختلفوا في السبي، هل يبطل حكم الزوجية الأولى مطلقًا ولو سبي الزوج معها، وهو ظاهر الآية أو لا يبطله إلا إذا سبيت وحدها دونه؟ فإن سبي معها فحكم الزوجية باق، وهو قول أبي حنيفة وبعض أصحاب أحمد والعلم عند اللَّه تعالى.
{فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ}، يعني: كما أنكم تستمتعون بالمنكوحات فاعطوهن مهورهن في مقابلة ذلك، وهذا المعنى تدل له آيات من كتاب اللَّه كقوله تعالى:
{وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا}، فإفضاء بعضهم إلى بعض المصرح بأنه سبب لاستحقاق الصداق كاملاً، هو بعينه الاستمتاع المذكور هنا في قوله: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ}، وقوله: {وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً}، وقوله: {وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا}. فالآية في عقد النكاح، لا في نكاح المتعة كما قال به من لا يعلم معناها، فإن قيل التعبير بلفظ الأجور يدل على أن المقصود الأجرة في نكاح المتعة؛ لأن الصداق لا يسمى أجرًا، فالجواب أن القرءان جاء في تسمية الصداق أجرًا في موضع لا نزاع فيه؛ لأن الصداق لما كان في مقابلة الاستمتاع بالزوجة كما صرّح به تعالى في قوله: {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا}، صار له شبه قوي بأثمان المنافع فسمي أجرًا، وذلك الموضع هو قوله تعالى: {فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}، أي: مهورهن بلا نزاع، ومثله قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}. أي: مهورهن فاتّضح أن الآية في النكاح لا في نكاح المتعة، فإن قيل: كان ابن عباس وأُبي بن كعب، وسعيد بن جبير، والسدي يقرأون: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ} إلى أجل مسمى، وهذا يدلّ على أن الآية في نكاح المتعة، فالجواب من ثلاثة أوجه:
الأول: أن قولهم إلى أجل مسمى لم يثبت قرءانًا؛ لإجماع الصحابة على عدم كتبه في المصاحف العثمانية، وأكثر الأصوليين على أن ما قرأه الصحابي على أنه قرءان، ولم يثبت كونه قرءانًا لا يستدل به على شىء؛ لأنه باطل من أصله؛ لأنه لما لم ينقله إلا على أنه قرءان فبطل كونه قرءانًا ظهر بطلانه من أصله.
الثاني: أنا لو مشينا على أنه يحتج به، كالاحتجاج بخبر الآحاد كما قال به قوم، أو على أنه تفسير منهم للآية بذلك، فهو معارض بأقوى منه؛ لأن جمهور العلماء على خلافه؛ ولأن الأحاديث الصحيحة الصريحة قاطعة بكثرة بتحريم نكاح المتعة، وصرح صلى الله عليه وسلم بأن ذلك التحريم دائم إلى يوم القيامة، كما ثبت في " صحيح" مسلم من حديث سبرة بن معبد الجهني رضي اللَّه عنه أنه غزا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة.
فقال: "يا أيها الناس إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع في النساء، وإن اللَّه قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهنّ شىء فليخل سبيله، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئًا".
وفي رواية لمسلم في حجة الوداع: ولا تعارض في ذلك؛ لإمكان أنه صلى الله عليه وسلم قال ذلك يوم فتح مكة، وفي حجة الوداع أيضًا والجمع واجب إذا أمكن، كما تقرر في علم الأصول وعلوم الحديث.
الثالث: أّنا لو سلمنا تسليمًا جدليًا أن الآية تدلّ على إباحة نكاح المتعة فإن إباحتها منسوخة كما صح نسخ ذلك في الأحاديث المتفق عليها عنه صلى الله عليه وسلم، وقد نسخ ذلك مرتين الأولى يوم خيبر كما ثبت في الصحيح، والآخرة يوم فتح مكة، كما ثبت في الصحيح أيضًا.
وقال بعض العلماء: نسخت مرة واحدة يوم الفتح، والذي وقع في خيبر تحريم لحوم الحمر الأهلية فقط، فظن بعض الرواة أن يوم خيبر ظرف أيضًا لتحريم المتعة.
واختار هذا القول ابن القيم، ولكن بعض الروايات الصحيحة، صريحة في تحريم المتعة يوم خيبر أيضًا، فالظاهر أنها حرمت مرتين كما جزم به غير واحد، وصحت الرواية به. واللَّه تعالى أعلم. الرابع: أنه تعالى صرّح بأنه يجب حفظ الفرج عن غير الزوجة والسرية في قوله تعالى: {إِلاَّ عَلَىا أَزْواجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـانُهُمْ}، في الموضعين، ثم صرّح بأن المبتغى وراء ذلك من العادين بقوله: {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ}.
ومعلوم أن المستمتع بها ليست مملوكة ولا زوجة، فمبتغيها إذن من العادين بنص القرءان، أما كونها غير مملوكة فواضح، وأمّاكونها غير زوجة فلانتفاء لوازم الزوجية عنها كالميراث، والعدّة، والطلاق، والنفقة، ولو كانت زوجة لورثت واعتدت ووقع عليها الطلاق ووجبت لها النفقة، كما هو ظاهر، فهذه الآية التي هي: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ}، صريحة في منع الاستمتاع بالنساء الذي نسخ. وسياق الآية التي نحن بصددها يدلّ دلالة واضحة على أن الآية في عقد النكاح كما بينّا لا في نكاح المتعة، لأنه تعالى ذكر المحرمات التي لا يجوز نكاحها، بقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ} الخ...
ثم بيّن أن غير تلك المحرمات حلال بالنكاح بقوله: {وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ}، ثمّ بيّن أن من نكحتم منهن واستمتعتم بها يلزمكم أن تعطوها مهرها، مرتبًا لذلك بالفاء على النكاح بقوله: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ}، كما بينّاه واضحًا والعلم عند اللَّه تعالى.
{وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللَّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا وَاعْبُدُواْ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاء قِرِينًا وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُواْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِم عَلِيمًا}
، وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَـاتِ الْمُؤْمِنَـاتِ فَمِنْ مَّا مَلَكَتْ أَيْمَـانُكُم مِّن فَتَيَـاتِكُمُ ظاهر هذه الآية الكريمة أن الأمة لا يجوز نكاحها، ولو عند الضرورة إلا إذا كانت مؤمنة بدليل قوله: {مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ}، فمفهوم مخالفته أن غير المؤمنات من الإماء لا يجوز نكاحهن على كل حال، وهذا المفهوم يفهم من مفهوم آية أخرى وهي قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ}، فإن المراد بالمحصنات فيها الحرائر على أحد الأقوال، ويفهم منه أن الإماء الكوافر لا يحل نكاحهن ولو كنّ كتابيات، وخالف الإمام أبو حنيفة رحمه اللَّه فأجاز نكاح الأمة الكافرة، وأجاز نكاح الإماء لمن عنده طول ينكح به الحرائر؛ لأنه لا يعتبر مفهوم المخالفة كما عرف في أصوله رحمه اللَّه.
أما وطء الأمة الكافرة بملك اليمين، فإنها إن كانت كتابية فجمهور العلماء على إباحة وطئها بالملك، لعموم قوله تعالى: {إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ}، ولجواز نكاح حرائرهم فيحل التسري بالإماء منهم. وأما إن كانت الأمة المملوكة له مجوسية أو عابدة وثن ممن لا يحل نكاح حرائرهم؛ فجمهور العلماء على منع وطئها بملك اليمين.
قال ابن عبد البر: وعليه جماعة فقهاء الأمصار وجمهور العلماء، وما خالفه فهو شذوذ لا يعد خلافًا، ولم يبلغنا إباحة ذلك إلا عن طاوس.
قال مقيده عفا اللَّه عنه: الذي يظهر من جهة الدليل واللَّه تعالى أعلم، جواز وطء الأمة بملك اليمين وإن كانت عابدة وثن أو مجوسية؛ لأن أكثر السبايا في عصره صلى الله عليه وسلم من كفار العرب وهم عبدة أوثان، ولم ينقل عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه حرم وطأهن بالملك لكفرهن ولو كان حرامًا لبيّنه، بل قال صلى الله عليه وسلم: "لا توطأ حامل حتى تضع، ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة"، ولم يقل حتى يسلمن ولو كان ذلك شرطًا لقاله وقد أخذ الصحابة سبايا فارس وهن مجوس، ولم ينقل أنهم اجتنبوهن حتى أسلمن.
قال ابن القيّم في "زاد المعاد"، ما نصه: ودلّ هذا القضاء النبوي على جواز وطء الإماء الوثنيات بملك اليمين، فإن سبايا أوطاس لم يكنّ كتابيات، ولم يشترط رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في وطئهن إسلامهن، ولم يجعل المانع منه إلا الاستبراء فقط، وتأخير البيان عن وقت الحاجة ممتنع مع أنهم حديثو عهد بالإسلام ويخفى عليهم حكم هذه المسألة وحصول الإسلام من جميع السبايا، وكنَّ عدة آلاف بحيث لم يتخلف منهنّ عن الإسلام جارية واحدة مما يعلم أنه في غاية البعد، فإنهنّ لم يكرهن على الإسلام، ولم يكن لهنّ من البصيرة والرغبة والمحبة في الإسلام ما يقتضي مبادرتهن إليه جميعًا، فمقتضى السنة وعمل الصحابة في عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وبعده جواز وطء المملوكات على أي دين كن، وهذا مذهب طاوس وغيره، وقواه صاحب "المغني" فيه ورجح أدلته، وباللَّه التوفيق.اهـ كلام ابن القيم بلفظه وهو واضح جدًا.
{فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ}، لم يبيّن هنا هذا العذاب الذي على المحصنات وهن الحرائر الذي نصفه على الإماء، ولكنه بيّن في موضع آخر أنه جلد مائة بقوله: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ}، فيعلم منه أن على الأمة الزانية خمسين جلدة ويلحق بها العبد الزاني فيجلد خمسين، فعموم الزانية مخصوص بنص قوله تعالى: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ}، وعموم الزاني مخصوص بالقياس على المنصوص؛ لأنه لا فارق البتة بين الحرة والأمة إلا الرق، فعلم أنه سبب تشطير الجلد فأجرى في العبد لاتصافه بالرق الذي هو مناط تشطير الجلد، وهذه الآية عند الأصوليين من أمثلة تخصيص عموم النص بالقياس، بناء على أن نوع تنقيح المناط المعروف بإلغاء الفارق يسمى قياسًا، والخلاف في كونه قياسًا معروف في الأصول. أما الرجم فمعلوم أنه لا يتشطر، فلم يدخل في المراد بالآية.
تنبيـه
قد علمت مما تقدم أن التحقيق في معنى أحصن أن المراد به تزوجن، وذلك هو معناه على كلتا القراءتين قراءته بالبناة للفاعل والمفعول، خلافًا لما اختاره ابن جرير من أن معنى قراءة أحصن بفتح الهمزة والصاد مبنيًا للفاعل أسلمن، وأن معنى أُحْصِنَّ بضم الهمزة وكسر الصاد مبنيًا للمفعول زوجن، وعليه فيفهم من مفهوم الشرط في قوله: {فَإِذَا أُحْصِنَّ}. أن الأمة التي لم تتزوج لا حدّ عليها إذا زنت؛ لأنه تعالى علق حدّها في الآية بالإحصان، وتمسك بمفهوم هذه الآية ابن عباس، وطاوس، وعطاء، وابن جريج، وسعيد بن جبير، وأبو عبيد القاسم بن سلام، وداود بن علي في رواية فقالوا: لا حدّ على مملوكة حتى تتزوج، والجواب عن هذا واللَّه أعلم أن مفهوم هذه الآية فيه إجمال وقد بيّنته السنة الصحيحة، وإيضاحه أن تعليق جلد الخمسين المذكور في الآية على إحصان الأمة، يفهم منه أن الأمة التي لم تحصن ليست كذلك فقط، فيحتمل أنها لا تجلد ويحتمل أنها تجلد أكثر من ذلك أو أقل أو ترجم إلى غير ذلك من المحتملات، ولكن السنة الصحيحة دلت على أن غير المحصنة من الإماء كذلك، لا فرق بينها وبين المحصنة، والحكمة في التعبير بخصوص المحصنة دفع توهم أنها ترجم كالحرة، فقد أخرج الشيخان في "صحيحيهما" عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني رضي اللَّه عنهما قالا: سئل النبيّ صلى الله عليه وسلم عن الأمة إذا زنت ولم تحصن، قال: "إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها ثم بيعوها ولو بضفير".
قال ابن شهاب: لا أدري أبعد الثالثة، أو الرابعة، وحمل الجلد في الحديث على التأديب غير ظاهر، لا سيما وفي بعض الروايات التصريح بالحد، فمفهوم هذه الآية هو بعينه الذي سئل عنه النبيّ صلى الله عليه وسلم، وأجاب فيه بالأمر بالجلد في هذا الحديث المتفق عليه، والظاهر أن السائل ما سأله إلا لأنه أشكل عليه مفهوم هذه الآية فالحديث نص في محل النزاع، ولو كان جلد غير المحصنة أكثر أو أقل من جلد المحصنة لبيّنه صلى الله عليه وسلم.
وبهذا تعلم أن الأقوال المخالفة لهذا لا يعّول عليها، كقول ابن عباس ومن وافقه المتقدم آنفًا، وكالقول بأن غير المحصنة تجلد مائة، وهو المشهور عن داود بن علي الظاهري، ولا يخفى بعده وكالقول بأن الأمة المحصنة ترجم وغير المحصنة تجلد خمسين، وهو قول أبي ثور، ولا يخفى شدة بعده والعلم عند اللَّه تعالى.
{يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}، ذكر في هذه الآية الكريمة أن النشوز قد يحصل من النساء،
ولم يبيّن هل يحصل من الرجال نشوز أو لا ؟ ولكنه بيّن في موضع آخر أن النشوز أيضًا قد يحصل من الرجال، وهو قوله تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}، وأصل النشوز في اللغة الارتفاع، فالمرأة الناشز كأنها ترتفع عن المكان الذي يضاجعها فيه زوجها، وهو في اصطلاح الفقهاء الخروج عن طاعة الزوج، وكأن نشوز الرجل ارتفاعه أيضًا عن المحل الذي فيه الزوجة وتركه مضاجعتها، والعلم عند اللَّه تعالى.
{إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا}
، وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَـاعِفْهَا لم يبيّن في هذه الآية الكريمة أقل ما تضاعف به الحسنة، ولا أكثره ولكنه بيّن في موضع آخر أن أقل ما تضاعف به عشر أمثالها، وهو قوله: {مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ}.
وبيّن في موضع آخر أن المضاعفة ربما بلغت سبعمائة ضعف إلى ما شاء اللَّه، وهو قوله: {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}، كما تقدم.
{يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلاَ يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا}
، يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّىا بِهِمُ الاٌّرْضُ على القراءات الثلاث معناه أنهم يتمنون أن يستووا بالأرض، فيكونوا ترابًا مثلها على أظهر الأقوال، ويوضح هذا المعنى قوله تعالى: {إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا}.
{وَلاَ يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا}، بيّن في موضع آخر أن عدم الكتم المذكور هنا، إنما هو باعتبار إخبار أيديهم وأرجلهم بكل ما عملوا عند الختم على أفواههم إذا أنكروا شركهم ومعاصيهم وهو قوله تعالى: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}، فلا يتنافى قوله: {وَلاَ يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا}، مع قوله عنهم: {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ}، وقوله عنهم أيضًا: {مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ}، وقوله عنهم: {بَل لَّمْ نَكُن نَّدْعُو مِن قَبْلُ شَيْئًا}، للبيان الذي ذكرنا والعلم عند اللَّه تعالى.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا}
، يَـاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلَواةَ وَأَنتُمْ سُكَـارَىا حَتَّىا تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ بيّن تعالى في هذه الآية زوال السكر بأنه هو أن يثوب للسكران عقله، حتى يعلم معنى الكلام الذي يصدر منه بقوله: {حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ}.
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلاَلَةَ وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ السَّبِيلَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً}